فصل: تفسير الآية رقم (148):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (146- 147):

{سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون} يقول سأصرفهم عن أن يتفكروا في آياتي.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {سأصرف عن آياتي} قال: عن خلق السموات والأرض والآيات التي فيها، سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها أو يعتبروا فيها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سفيان بن عيينة في قوله: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} أنزع عنهم فهم القرآن.

.تفسير الآية رقم (148):

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148)}
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً} قال: حين دفنوها ألقي عليها السامري قبضة من تراب من أثر فرس جبريل عليه السلام.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {من حليهم عجلاً جسداً له خوار} قال: استعاروا حلياً من آل فرعون، فجمعه السامري فصاغ منه عجلاً فجعله الله جسداً لحماً ودماً له خوار.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {عجلاً جسداً له خوار} قال: يعني له صياح. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
كان بني معاوية بن بكر ** إلى الإِسلام ضاحية تخور

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: خار العجل خورة لم يثن، ألم تر أن الله قال: {ألم يروا أنه لا يكلمهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {له خوار} قال: الصوت.

.تفسير الآية رقم (149):

{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149)}
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ولما سقط في أيديهم} قال: ندموا.

.تفسير الآيات (150- 151):

{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق ابن عباس في قوله: {أسفاً} قال: حزيناً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً} قال: حزيناً على ما صنع قومه من بعده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {غضبان اسفاً} قال: حزيناً وفي الزخرف {فلما آسفونا} [ الزخرف: 55] يقول: اغضبونا. والأسف على وجهين: الغضب والحزن.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أسفاً} قال: جزعاً.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: الأسف: منزلة وراء الغضب أشد من ذلك.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب قال: الأسف: الغضب الشديد.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «ايزحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر، أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح، فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر ما تكسر».
وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: كان موسى عليه السلام إذا غضب اشتعلت قلنسوته ناراً.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لما ألقى موسى الألواح تكسرت، فرفعت إلا سدسها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: كتب الله لموسى في الألواح فيها {موعظة وتفصيلاً لكل شيء} [ الأعراف: 145] فلما ألقاها رفع الله منها ستة أسباعها وبقي سبع، يقول الله: {وفي نسختها هدى ورحمة} [ الأعراف: 154] يقول: فيما بقي منها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أوتي رسول الله صلى عليه وسلم السبع المثاني وهي الطوال وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح رفعت أثنتان وبقيت أربع.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في قوله: {وألقى الألواح} قال: ذكر أنه رفع من الألواح خمسة أشياء، وكان لا ينبغي أن يعلمه الناس {إن الله عنده علم الساعة} [ لقمان: 34] إلى آخر الآية.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد وسعيد بن جبير قال: كانت الألواح من زمرد، فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: اخبرت أن الواح موسى كانت تسعة، فرفع منها لوحان وبقي سبعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ولا تجعلني مع القوم الظالمين} قال: مع أصحاب العجل.

.تفسير الآية رقم (152):

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)}
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أيوب قال: تلا أبو قلابة هذه الآية {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} قال: هو جزاء لكل مفتر إلى يوم القيامة أن يذله الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {وكذلك نجزي المفترين} قال: كل صاحب بدعة ذليل.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن سفيان بن عيينة قال: لا تجد مبتدعاً إلا وجدته ذليلاً، الم تسمع قول الله: {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا}.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينه قال: ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلة تغشاه، وهو في كتاب الله. قالوا: أين هي؟ قال أما سمعتم إلى قوله: {إن الذين اتخذوا العجل...} الآية؟ قالوا: يا أبا محمد هذه لأصحاب العجل خاصة... ! قال: كلا، اقرأ ما بعدها {وكذلك نجزي المفترين} فهي لكل مفتر ومبتدع إلى يوم القيامة.

.تفسير الآية رقم (153):

{وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)}
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود. أنه سئل عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها، فتلا {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}

.تفسير الآية رقم (154):

{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: اعطى الله موسى التوراة ف سبعة الواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة التوراة مكتوبة، فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفاً على العجل، فرمى التوراة من يده فتحطمت، وأقبل على هرون فأخذ برأسه، فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} قال: فيما بقي منها.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مجاهد. أن سعيد بن جبير قال: كانت الألواح من زمرد، فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى والرحمة، وقرأ {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء} [ الأعراف: 145] وقرأ {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة} قال: ولم يذكر التفصيل ههنا.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا} قال: اختارهم ليقوموا مع هرون على قومه بأمر الله {فلما أخذتهم الرجفة} تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم.
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي سعد عن مجاهد {واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة} بعد أن خرج موسى بالسبعين من قومه يدعون الله ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء فلم يستجب لهم، علم موسى أنهم قد أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم. قال أبو سعد: فحدثني محمد بن كعب القرضي قال: فلم يستجب لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر ولم يأمروهم بالمعروف، فأخذتهم الرجفة فماتوا ثم احياها الله.
وأخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى ابن أخي الرقاشي. إن بني إسرائيل قالوا: ذات يوم لموسى: ألست ابن عمنا ومنا وتزعم أنك كلمت رب العزة، فانا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فلما أن أبوا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى: ان اختر من قومك سبعين رجلاً. فاختار موسى من قومه سبعين رجلاً خيرة، ثم قال لهم: اخرجوا. فلما برزوا جاءهم ما لا قبل لهم به فأخذتهم الرجفة، قالوا: يا موسى ردنا. فقال لهم موسى: ليس لي من الأمر شيء سألتم شيئاً فجاءكم فماتوا جميعاً، قيل: يا موسى ارجع. قال: رب إلى أين الرجعة؟ {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} [ الأعراف: 155] إلى قوله: {فسأكتبها للذين يتقون...} [ الأعراف: 155] الآية. قال عكرمة: كتبت الرحمة يومئذ لهذه الأمة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال: لما حضر أجل هرون أوحى الله إلى موسى: أن انطلق أنت وهرون وابن هرون إلى غار في الجبل فأنا قابض روحه، فانطلق موسى وهرون وابن هرون، فما انتهوا إلى الغار دخلوا فإذا سري، فاضطجع عليه موسى ثم قام عنه فقال: ما أحسن هذا المكان يا هرون، فاضطجع هرون فقبض روحه، فرجع موسى وابن هرون إلى بني إسرائيل حزينين.
فقالوا له: اين هرون؟ قال: مات. قالوا: بل قتلته، كنت تعلم أنا نحبه. فقال لهم موسى: ويلكم أقتل أخي وقد سألته الله وزيراً، ولو أني أردت قتله أكان ابنه يدعني!؟ قالوا له: بلى قتلته حسدتناه. قال: فاختاروا سبعين رجلاً فانطلق بهم، فمرض رجلان في الطريق فخط عليهما خطاً، فانطلق موسى وابن هرون وبنو إسرائيل حتى انتهوا إلى هرون، فقال: يا هرون من قتلك؟ قال: لم يقتلني أحد ولكني مت قالوا: ما تقضي يا موسى ادع لنا ربك يجعلنا أنبياء. قال: فأخذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرجلان اللذان خلفوا، وقام موسى يدعو ربه {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأحياهم الله فرجعوا إلى قومهم أنبياء.

.تفسير الآية رقم (155):

{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {واختار موسى قومه} الآية. قال: كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلاً فاختار سبعين رجلاً فبرز بهم، فكان ليدعو ربكم فيما دعوا الله أن قالوا: اللهمَّ اعطنا ما لم تعطه أحداً بعدنا، فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة قال موسى {لو شئت أهلكتهم من قبل... إن هي إلا فتنتك} يقول: إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن تشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الحميري قال: لما اختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقات ربه قال الله لموسى: أجعل لكم الأرض مسجداً وطهوراً، واجعل السكينة معكم في بيوتكم، واجعلكم تقرأون التوراة من ظهور قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير، فقال: موسى: إن الله قد جعل لكم الأرض مسجداً وطهوراً. قالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس. قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم. قالوا: لا نريد إلا كما كانت في التابوت. قال: ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم، فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير. قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظراً. قال الله: {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} إلى قوله: {المفلحون} قال موسى: أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم اجعلني نبي هذه الأمة. قال: إن نبيهم منهم. قال: اجعلني من هذه الأمة. قال: إنك لن تدركهم. قال: رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم. قال: فأوحى الله إليه {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} [ الأعراف: 159] قال: فرضي موسى. قال نوف: ألا تحمدون رباً شهد غيبتكم، وأخذ لكم بسمعكم، وجعل وفادة غيركم لكم؟.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف البكالي. أن موسى لما اختار من قومه سبعين رجلاً قال لهم: فِدوا الى الله وسلوه فكانت لموسى مسألة ولهم مسألة، فلما انتهى إلى الطور المكان الذي وعده الله به قال لهم موسى: سلوا الله. قالوا {أرنا الله جهرة} [ النساء: 153] قال: ويحكم... ! تسألون الله هذا مرتين؟ قال: هي مسألتنا أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة فصعقوا، فقال موسى: أي رب جئتك سبعين من خيار بني إسرائيل، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد، فكيف أصنع ببني إسرائيل، أليس يقتلونني؟ فقيل له: سل مسألتك: قال: أي رب إني أسألك أن تبعثهم. فبعثهم الله فذهبت مسألتهم ومسألته، وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سعيد الرقاشي في قوله: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} قال: كانوا قد جاوزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين، وذلك أن من جاوز الثلاثين فقد ذهب جهله وصباه، ومن بلغ الأربعين لم يفقد من عقله شيئاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا} قال: لتمام الموعد. وفي قوله: {فلما أخذتهم الرجفة} قال: ماتوا ثم أحياهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله: {إن هي إلا فتنتك} قال: بليتك.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {إن هي إلا فتنتك} قال: مشيئتك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: قال موسى: يا رب إن هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل أرأيت الروح من نفحها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: رب فأنت إذاً أضللتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن راشد بن سعد. أن موسى لما أتى ربه لموعده قال: يا موسى، إن قومك افتتنوا من بعدك. قال: يا رب وكيف يفتنون وقد أنجيتهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمت عليهم؟ قال: يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلاً جسداً له خوار. قال: يا رب فمن جعل فيه الروح؟ قال: أنا. قال: فأنت أضللتهم يا رب. قال: يا موسى، يا رأس النبيين، يا أبا الحكماء، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي عمر العدني في مسنده وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: إن السبعين الذين اختارهم موسى من قومه إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يرضوا بالعجل، ولم ينهوا عنه.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة قال: ذكر لنا أن أولئك السبعين كانوا يلبسون ثياب الطهرة ثياب يغزله وينسجه العذارى، ثم يتبرزون صبيحة ليلة المطر إلى البرية فيدعون الله فيها، فوالله ما سأل القوم يومئذ شيئاً إلا أعطاه الله هذه الأمة.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن. أن السبعين الذين اختار موسى من قومه كانوا يعرفون بخضاب السواد.